
بنشاب : في زمن سيطرة التفاهة والتافهين، تتقلب موازين القيم، ويصبح السطحيّ هو العميق، والوضيع هو المرموق، ويتحول الصمت إلى حكمة فقط لأن الصراخ صار يُستثمر لصالح الساقطين في كل مضمار.
تُعطّل البصائر، وتُكمم أفواه العقلاء، ويُقذف النبلاء بتهم الرجعية فقط لأنهم رفضوا الانخراط في جوقة النفاق والتصفيق للزيف.
تغدو الرداءة عنواناً للنجاح، والتميع بوابة للقبول، ويتصدر المشهد من لا يحملون غير الفراغ، فارغو الفكر، مسلوخو المبادئ، ممتهنو المظاهر الخادعة.
أما الأحرار، فمصيرهم التهميش أو السخرية، وقلوبهم تتقاطر ألماً وهم يرون الوطن يُختزل في شعارات جوفاء، وتُبدد أحلام شعب صبور على موائد الابتذال والاستعراض.
في هذا الزمن المقلوب، يصير الأمل جريمة، والتغيير طيشًا، والحكمة تخلفًا... ويُقتل الوطن كل يوم بألف طعنة من أبناء عقّوه وارتضوا بيع روحه في سوق المصالح الصغيرة.
وحدهم الشرفاء يئنّون بصمت، يجرّون أذيال الخيبة في دولة أصمّت آذانها عن صوت الحقيقة، وغضّت بصرها عن رؤية الانحدار، وأعلنت الولاء للهابطين.
وهكذا... تستمر حفلة الرداءة، بينما الوطن يُنزف في صمت.