
بنشاب : المعارضة ليست مجرد موقف سياسي عابر بل هي ذاكرة الأمة الحية ،هي ذلك الضمير الجمعي الذي يذكر الناس بأن السلطة ليست قدرا منزلا بل عقدا قابلا للنقض و التعديل . غير أن المعارضة حين تفقد وعيها التاريخي و تتحول إلى مقعد إضافي في عربة السلطة فإنها لا تخون اللحظة الراهنة فحسب بل تخون ذاكرتها التي صنعتها تضحيات الامس . التاريخ لا يرحم ( المهادنين المحاورين ) الذين يساومون على دموع الناس قد يربحون شرعية شكلية و يسجل حضورهم في محاضر التوافقات لكنهم يمحون سريعا من ضمير الجماهير ، لأن الذاكرة لا تحتفظ إلا بأولئك الذين صمدوا ورفضوا أن تتحول المعارضة إلى وظيفة أو إلى تذكرة دخول في نادي الحكم المتعثر .
إن الذاكرة الشعبية لا تنحاز للمعارضة حين تتنازل بل حين تصمد . فهي أشبه بمصفاة كبرى تبقي الأسماء التي رفضت الانحناء كالرئيس بيرام الداه أعبيد و تلقي في هوامش النسيان كل من ارتضى أن يكون مجرد صدى ( المهادنين ) لسلطة . لهذا فإن المعارضة ليست خيارا سياسيا بل قدر وجودي الوجه الآخر للحقيقة حتى و إن كرهها النظام .
ما يخيف السلطة ليس وجود معارضة على الطاولة بل وجود ذاكرة في الشارع ذاكرة لا تشترى و لا تروض من هنا تصبح المعارضة التي تفقد ذاكرة الناس مجرد صدى بعيد بلا صدى أخلاقي و بلا أثر سياسي .
إن الزمن يبتلع كل شيء لكنه يعجز عن ابتلاع أصوات المبادئ . تلك الأصوات التي حتى و هي في المنفى أو السجون أو الصمت القاسي تبقى في ذاكرة الناس حية كضوء لا ينطفئ .
فالسياسة بلا ذاكرة نضالية ليست سوى مسرح و المعارضة بلا ذاكرة إصلاح ليست سوى أصوات بلا روح .
مكي عبد الله عضو و ناشط في منظمة إيرا الحقوقية و عضو في حزب الرك
أنواذيب بتاريخ : 22/08/2025