
بنشاب : هو الشجاعةُ حين تُكسرُ الأقفالُ عن وجهها، والرجولةُ حين ترتقي إلى مقام التضحية الخالص، والصبرُ حين يصير مذهبًا لا يزحزحه القهر، ولا تُطفئه الليالي المثقلة بالوجع.
أكثر من خمس سنينٍ ونصف، وهو في قبضة الجور، محاطٌ بالخذلان، مكشوفُ الظهرِ للظلم المتآمر، ومع ذلك… ما وهنت عزيمته، وما انحنت هامته، وما لفظت روحه أنفاس الكبرياء.
محمد ولد عبد العزيز… ليس مجرد رجلٍ عبرَ عتبة الحكم، بل هو قدرٌ استثنائي، تجسّد في هيئة بشرٍ أدهشَ الزمان، وأرّق الطغيان، ودوّى اسمه في وجدان الشعب كما تدوّي الرعود في صمتِ السهول.
هو من طينةٍ لا تُعاد، ومن معدنٍ لا تطرقه السنون، بل تزداد صلابته كلما اشتد الخطب، وتزداد قامته كلما ضاق الأفق.
منذ أن تنفست موريتانيا أولى شهقاتها، ما أنجبت أرضها، ولا انفطر رحم نسائها، عن رجلٍ يماثله في عمق البصيرة، وصدق العهد، وجسارة الموقف.
إنه من أولئك الذين لا تلدهم الأرحام إلا مرةً واحدةً كل قرن، وربما كل دهر؛ رجلٌ إذا ذُكر الصبر كان هو مَثَلُه، وإذا قيل المجد كان هو عنوانه.
سكت كثيرًا، لكنه ما سكت ضعفًا، بل اختار الصمتَ حين صار الكلام رجسًا، والحق مطرودًا من مجالس الحكم.
تألّم، لكنه لم يتأوه، بل جعل من الألم سراجًا أضاء درب الحقيقة لمن لا يزال يرى.
محمد ولد عبد العزيز… هو النشيد الذي لم تُكمله الشعوب بعد، هو الدمعُ المُحتبسُ في مآقي الأحرار، هو الموقفُ الذي لن يعتذر عن شموخه، ولن يساوم على كرامته، ولو اجتمعت عليه الأرض ومن عليها.
أيُعقل أن يُعاقَب مَن بنى؟ أن يُنسى من أفنى عمره في شقّ الطريق وسط الخراب؟
أيُعقل أن تُجلد القامة التي رفعت رأس الوطن عاليًا، فقط لأن نكران الجميل صار عُرفًا بين الجاحدين؟
كلا، إن هذا الرجل ليس ظلًّا في المسير، بل هو منارةُ الدرب، وذاكرةُ الصعود، ورمزٌ سيبقى، رغم كل العواصف، حيًّا في وجدان الأمة… كأنّه دعاءُ الأمهات في ليالِ الخوف، وكأنّه الوعدُ الذي لا يزول.
Jamie Mohamed
#محمد_ولد_عبدالعزيز_بريء