لماذا لا يحدث هذا عندنا نحن أيضا ...؟

جمعة, 05/04/2024 - 11:01

بنشاب : سؤال يطرحه العديد من الموريتانيين على أنفسهم ولا يكاد يخفي شعورهم بالغيرة، بعد الدرس السياسي الذي قدمته شقيقتنا وجارتنا جمهورية السنغال، لإفريقيا كلها. هذا الشعور يتم التعبير عنه بطريقة غير واقعية من قبل بعض المعارضة، وبفلسفة وخجل من قبل الموريتانيين العاديين، ويقبله قادتنا على مضض ، لأنهم يخشون بالتأكيد أن يكون لما حدث في السنغال تداعيات على موريتانيا. في كل الأحوال، لا يمكننا إلا أن نتمنى أن يحدث عندنا مثل هذا النجاح المذهل والمخلّص الذي حققته انتخابات السينغال بعد الأزمة السياسية التي وضعت مؤسساتها الجمهورية على المحك. هذه الرغبة تشعر بها الغالبية العظمى من الموريتانيين مع الإحساس بالمرارة والإحباط، لما لهم من رغبه وحاجة في التغيير. ويزداد هذا الشعور قوة إذا أخذنا في الاعتبار أننا لا يفصلنا سوى أقل من ثلاثة أشهر عن انتخاباتنا الرئاسية، في حين نعلم بجلاء أننا في الواقع، لايعقل أن نكون قادرين على القيام بمثل ما حدث في السنغال.

لن نستطيع أن نفعل مثل السنغال لأن كل مؤسساتنا الجمهورية خاضعة للسلطة التنفيذية.

لن نكون قادرين على أن نفعل مثل السنغال لأن نظامهم السياسي له تقليد طويل من التبادل السلمي على السلطة، في حين أن النظام الذي حكمنا لأكثر من ثلاثة عقود قد شكل جيشا انتخابيا، مخصص للحفاظ على الوضع الراهن، يتكون من مداحين ، وانتهازيين وزبونيين وطفيليين، لا يمكن التخلص منهم، وهم يخنقون الإرادة الشعبية في كل فرصة ويمنعون أي تغيير للنظام.

لن نكون قادرين على أن نفعل مثل السنغال لأن قادة الجيش عندنا ليسوا مثل نظرائهم في السنغال. إن قادة جيشنا غارقون في السياسة، وإذا لزم الأمر فإنهم يحلون المشاكل عسكريا ولصالحهم.

لن نكون قادرين على أن نفعل مثل السنغال لأن إيماننا بالدولة والجمهورية متذبذب. في السياسة نادراً ما نكون موريتانيين، فنحن دائماً إما قبليون، أو عرقيون، أو جهويون، وما إلى ذلك.

ولن نتمكن من أن نفعل مثل السنغال لأننا لم نعرف، أو لم نتمكن، أو لم نرد أن نتصالح مع تعدديتنا العرقية.

لن نكون قادرين على أن نفعل مثل السنغال لأن قيمنا الوطنية والجمهورية قد انحرفت كثيرا بسبب سوء الحكامة والفساد الإداري وشوفينية النظام التي تؤدي إلى تفاقم التنافر الاجتماعي الذي يمنع مكوناتنا الوطنية من التوحد حول مُثل عليا مشتركة.

لن نتمكن من أن نفعل مثل السنغال لأننا نعاني من أزمة قيم، فقد فقدنا الجيد من قيمنا التقليدية، ونرفض الجيد من قيم الحداثة . نريد أن نبني الدولة الحديثة بالعقليات الرجعية. نريد أن نكون جمهورية لا تعطي أهمية كبيرة لسبب وجودها اصلا: المواطنة؛ نريد إقامة ديمقراطية وفي الوقت نفسه نرفض الخضوع لحكم الشعب صاحب السيادة، من خلال إفساد اللعبة الديمقراطية.

لن نكون قادرين على أن نفعل مثل السنغال لأن معارضتنا منقسمة، فردية وأنانية، لا تعرف كيف تشكل تحالفات يمكن الاعتماد عليها، ولا تعرف كيف تحدد الأولويات الاستراتيجية أو التكتيكية. لن نكون قادرين على أن نفعل مثل السنغال لأن قوى التغيير عندنا وقوانا التقدمية (إن كانت لا تزال موجودة) هي قوى انهزامية، وقد تخلت عن الاحتجاج الجماهيري، كما تخلت عن الجماهير. همهم هو فقط البقاء الانتخابي، معتمدين على مظاهر الحوار التي لا تؤدي إلا إلى الخمول واليأس بين الناشطين.

لن نكون قادرين على أن نفعل مثل السنغال لأن قادتهم على استعداد لتقديم التضحيات من أجل قضياهم، من أجل طموحاتهم، من أجل مُثُلهم، ويدعمهم في ذلك شعب لديه أيضًا العادة والشجاعة للقيام بالتضحيات اللازمة لفرض إرادته. أمانحن، فنضالنا يتم الآن من خلال التفاخر على شبكات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت على ما يبدو هبة من السماء لإخفاء جبننا ونفاقنا.

لن نكون قادرين على أن نفعل مثل السنغال، لأنه للقيام بذلك، نحتاج إلى سونكونا، وديوماي فاي، وشباب شجاع ومندفع مثل شباب السنغال.