تتويجا للنصف الأول من مأمورية الإستلاب

جمعة, 10/12/2021 - 06:45
حمّين ولد الخوماني

لن تحتاج بعد اليوم الى الكتابة من أجل التنوير أو التذكير أو حتى لفت الانتباه الى ان نظام  الأخلاق إجماعاً عند أوصياء الفقه السياسي فينا قد فشل، ولن تحتاج بعد اليوم للتفتيش عن مكامن الخلل، يكفيك أن تنظر  أو تصغي دون ارهاف ليحدثك كل شيء من حولك ، أن الوضع ما عاد يحتمل وأن الواقع أدهى وأجل،  بل ويكفيك أن تدير وجهك في أي اتجاه ليتراآى لك مدى  قتامة الصورة التي ترتسم أمام عينيك أو في مخيلتك ولتدرك حجم الدمار الذي لحق بهذا الوطن الجريح.

ولك ان تبدأ من حيث شئت، ففي مجال التعليم حدث ولا حرج، فالو ضع المزري للبنى التحتية إضافة الى قسوة الظروف المادية التي يرزأ تحتها الكادر البشري تغنيك عن التفكيرفي أية  نتائج، أما  مشروع المدرسة الجمهورية فهي عنوان قد تمت  اضافته لسلسلة العناوين الفارغة التى أضحت مدعاة للتندر عند الذين يفهمون في لغة المخزن، ناهيك عن  الصحة فليست بأحسن حال وليس لك أن تستغرب أن يقتصر جوهر الإصلاح فيها على ضبط المسافة بين الصيدليات.  وأما الزراعة والصيد فقد تنقل بينهما وزير يتقن  تدمير الحقول بغض النظر عن نوعيتها، لا يهمه إن كان الحقل حقل أسماك أو حقل ألغام أو حقل أرز !، حدَّث المزارعين يوما أنه لا سماد إلا بعد الحصاد ليوقنوا أنه لا حصاد،  وحد ث الصيادين التقليدين أن لا فائدة من دعم محروقات قواربهم لأن الأتراك أولى بالأسماك ، فهم أهل القربى في الدين والرحم، وأن الصينيين  أولى فلولاهم لما كان للشاى نكهة ولما كان للأدوية المزورة مصدر بل لولاهم لماعرفنا للتزويرطريقاً.

 وأما الأمن عندنا، فقد رأى وزير الداخلية أن يكون للرموز فقط وتم استيراد القانون المنظم من كوريا الشمالية  على عجل، وأمر النواب بالمصادقة عليه قبل الترجمة وأوصى أن تتم مراجعة رمزية خطي العلم الوطني، ليرمز أولهما  للطماطم من باب الأمن الغذائي أما الخط الثاني فيكون خطا أحمر في وجه المدونين، ليختم بتوصية جرئية يتم بموجبها سحب جميع الفرق الأمنية المرابطة على امتداد التراب  الوطني، للسهر على أمن الفضاءات الافتراضية للتواصل الاجتماعي، وأن يتم التنسيق مع وزير الدفاع لسحب جميع الألوية العسكرية المرابطة على الثغور، لتتم اعادة نشرها أمام البوابات الرئيسية  للسجون،  ورأى أن التغاضى عن استباحة العصابات الاجرامية لشوارع العاصمة وجميع المدن الكبرى في الداخل  يدخل في إطار ترتيب الاولويات. 

ولعل مسلسل نشاطات الفريق الحكومي لرئيس الجمهورية بمناسبة عيد الاستقلال و تتويجا لانقضاء النصف الاول من مأمورية الاستلاب كان أصدق وافصح  ترجمة لما نحن فيه، بدءً بفضيحة أكسبو دبي المدوية وما ألحقته بسمعة البلاد من  عار في المحافل الدولية والتي كلفت إرسال فريق ثان  برئاسة وزير الثقافة والاعلام، علَّهم يصلحون ما أفسد فريق التهريج الأول، وارجو أن تكون مهمتهم قد تكللت  بالنجاح بعيدا عن العنتريات والمزايدات، ومرورا بوضع حجر الأساس لجسر روصو الذي طغى فيه الحضورالسينغالي على الصعيدين الرسمي الذي كان جليا في مستوى الخطابة وعمق المدلول، وأما الشعبي منه فكان صارخا في صبغة موسيقى البوب،  ومن الغريب أنه كان على  نفقة  ميزانية الشؤون الاجتماعية، وأن الإنفاق عليه كان  أولى لسد النقص الحاد  في الحماس الشعبي عندنا لأسباب معروفة لن نحتاج لذكرها في هذا المقام،  ثم إن القارئ الجيد للغة الجسد لرئيس الجمهورية أثناء الحفل، سيدرك دون شك أن الرجل كان في حيرة من أمره يبدو صاحبها كمن غرر به تحت ضغط الجماهير بمرجعياتها وحشدها الشعبي الى درجة أنه لم يعد يميز الأغلبية من المعارضة في ظل حصاد الإنجازات  الهزيل والمذل لفريقه الحكومى، فقد أصمَّتْه الجعجعات دون  طحين،  ولربما وصل به الإحباط الى التفكير في  ترك النصف الموريتاني من الجسر عائما كما كان حفظا لماء  الوجه واشفاقا على حكومته التي لم تعرف للنجاح طريقا،  فقد ذهب السينغاليون بعيداً في مسيرتهم التنموية،  ثم إنه لم يعد يحتمل مزيدا من الاخفاقات ...

وختاما بحفل تدشين المبنى الجديد لمجلس النواب، المشروع القديم بتمويله ومخططه ودفتر التزاماته في عهد الرئيس السابق، والجديد بتنفيذه دون احترام للمخطط ولدفتر الالتزامات في عهد الرئيس اللاحقن ويكفيك أن  اثنين  فقط من النواب، أحدههما هو عضو ومقرر لجنة التحقيق البرلمانية المعروفة قد عددا ما  يربو على واحد وعشرين خرقا اكتنف عملية تشييد المشروع، وقد اكتفيا بتوصية تقضي بالاحتراز من عدم تكرار الجرم مستقبلا لان تنفيذ المشروع لم يقع في عهد الرئيس الرمز، ولك أن تحكم!!!.

ولعل قرار إدارة الأمن الأخير بنصب كاميرات المراقبة الدائمة  داخل  اماكن حساسة من مقر سجن الرئيس الرمز لا تستدعي  الشجب ولفت الإنتباه عندهم ولا تمثل خرقا ينضاف الى جملة الخروقات السابقة، بل هي جزء لا يتجزأ من استيراتجية  الإلهاء و شد الإنتباه المتبعة من طرف النظام،  للتغطية على الإخفاقات البينة والفاضحة في تسيير الشان العام.

الى لقاء آخر في الشطر الثانى  من نفس المأمورية، إن كتب لنا ولها البقاء.