ذ. محمدٌ ابن إشدو لموقع الفكر: قانون الرمز الواحد هو أسوء قانون موريتاني، والشعب الموريتاني كله الآن يساند ولد عبد العزيز( مقابلة)

اثنين, 16/06/2025 - 06:18

بنشاب : قال العميد محمدٌ ابن إشدو إن القضاء الموريتاني الذي حاكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز غير مختص أصلا، وكان عليه أن يحكم بعدم الاختصاص، معتبرا أن الشعب الموريتاني قد أصدر براءة فعلية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حيث أصبح اليوم يسانده كله، ويعرف أن استهدافه إنما هو انتقام يقوده المفسدون ضد الرجل الذي حارب الفساد..

واتهم محمدٌ ابن إشدو في مقابلة مع موقع الفكر من سماهم " الستون محاميا"  والعشرون قاضيا بالعجز عن تقديم أي دليل يثبت أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قد أكل أوقية واحدة من المال العام..

وهذا نص المقابلة:

موقع الفكر: هل يمكن تحديد الاستراتيجية الدفاعية التي اعتمدها فريق الدفاع عن الرئيس السابق وما هو الجديد في مرافعاته خلال مرحلة الاستئناف؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو: فريق دفاع الرئيس السابق لديه ثلاثة ثوابت في جميع مراحل هذه القضية المفتراة هي:

  • الدفاع عن مركز الرئيس محمد ولد عبد العزيز القانوني والقضائي المكرس في المادة 93 من الدستور، والذي هو مركز جميع الرؤساء الموريتانيين بشكل عام، وقد ركز الدفاع على هذه النقطة في مواجهة حملة التنكر والجحود لتلك المادة الصريحة المتربعة على عرش الدستور الموريتاني. وأفحم بقوة بعض القانونيون الموريتانيون من قضاة ومحامين وخاصة الستون محاميا، وبعض أساتذة الجامعات الذين أنكروا المادة 93 وحاولوا وأدها وروجوا مكانها الأخذ بأحكام الدستور الفرنسي! وقد أعطينا هذه المسألة ما تستحقه من الاهتمام لكونها مربط الفرس في الدفاع عن موكلنا وعن دستور ومؤسسات الوطن وعن النظام الجمهوري في بلادنا. لحد أننا تواصينا في أحاديثنا الخاصة أن إذا قام أحدنا للصلاة فليبدأ بالمادة 93 من الدستور، فبالأحرى في غيرها! فتلك المادة هي لازمة دفاعنا. ووأدها جريمة ضد موريتانيا ومؤسساتها الدستورية، وضد مسار فصل السلطات.
  • الدفاع عن حريات وحقوق الرئيس السابق المنتهكة ظلما وجورا وزورا. وخصوصا بعد أن جوبهت بكثير من النكران والطمس لدرجة الطغيان! فهذا الرئيس الذي حكم موريتانيا طيلة 11 سنة، وأنجز لها ولإفريقيا والأمة العربية الكثير الكثير، ويعترف له الشعب بذلك، ها هو ذا تنتهك حقوقه من أعلاها إلى أدناها، من حق الحصانة والامتياز القضائي إلى حق الزيارة، إلى حق العلاج، وحق الإعلام، وها هو اليوم مسجون لا يذكره ذاكر، وبعد سنتين من السجن سمح له بتلفزة، وما زال ممنوعا من الشمس والهواء الطلق ومن الهاتف والكومبيوتر، وتسلط عليه أجهزة التنصب والتصوير والتشويش..
  • نفي ارتكاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز أي فعل يجرمه القانون.  فلقد تحدى موكلنا وتحدينا نحن معه جميع قضاة الاتهام والحكم معا والـ 60 محاميا أن يثبتوا بأي وسيلة من وسائل الإثبات التي يقرها القانون ارتكاب الرئيس أي فعل يجرمه القانون! فعجزوا جميعا! والأصل البراءة! ولم يأتوا كذلك بنص قانوني أو شرعي يسمو على ما أدلينا به من نصوص قانونية وشرعية!

أما جديده في هذه المحاكمة فقد تمثل في:

  • الطعن المفاجئ الذي تقدمنا به أمام المجلس الدستوري في الفقرة ب 1 من المادة 2 من قانون مكافحة الفساد. فحسب ما كان متداولا يومها أن المقصود من بدء المحاكمة في 13 نوفمبر بعد سنة من التسويف هو أن تنتهي قبل 28 نوفمبر بحكم معلب قاس. ويعقب ذلك عفو رئاسي بمناسبة 28 نوفمبر.  لكن الدفاع فاجأ الجميع بطعنة نجلاء تمثلت في طعنه أمام المجلس الدستوري الدي أوقف المحاكمة شهرا، وقال عنه أحد كبار المحامين إنه بمثابة قذيفة تاندوم من مسافة صفر! وقد أتى ذلك الطعن أكله حيث حقق هدفين أساسيين:

- الهدف الأول: إفشال الخطة المبيتة، وإظهار أن دفاع الرئيس هو من يمسك بزمام المبادرة ويتحكم في سير المحكمة. وليست النيابة ودفاعها، ولا حتى المحكمة نفسها.

الهدف الثاني: أن المادة 93 من الدستور هي التي تحكم مركز الرئيس السابق القانوني وكل رؤساء الجمهورية الإسلامية الموريتانية. وقد نص على ذلك قرار المجلس الدستوري رقم 009/2024 حين قال إن الفقرة ب/1 من المادة 2 من القانون رقم 014/2016 الصادر بتاريخ 15 إبريل 2016 لا تتعارض مع الحقوق والحريات التي تمنحها المادة 93 من الدستور لرئيس الجمهورية". ونص في حيثيته الأخيرة الموالية للمنطوق على ما يلي: "وحيث إن الحماية الممنوحة لرئيس الجمهورية أثناء تأدية مهامه بموجب المادة 93 من الدستور لا تتأثر بما ورد في الفقرة الطعينة".

فالمجلس الدستوري هو وحده من بين جميع مؤسسات الجمهورية المستباحة، من استطاع الصمود أمام الباطل، وقال الحق، وحمى الدستور الذي يشكل العروة الوثقى والرباط المقدس للموريتانيين! وسوف يذكر له التاريخ ذلك بحروف من ذهب!

ولعلكم تتذكرون كيف حاول المبطلون الالتفاف على قرار المجلس الدستوري عشية صدوره عبر بعض وسائل الإعلام، حيث ادعوا بالباطل أن القرار جاء رفضا لطعننا! ولكننا تلافينا الموقف وأًصدرنا في وقت متأخر من ليلة صدوره القراءة الصحيحة الناصعة له. وقد استقرت قراءتنا تلك لحد أن بعض قادة الـ 60 قال علنا أننا رشونا المجلس الدستوري فأصدر قرارا لصالحنا!

  • تمحيصنا لمحاضر الضبطية القضائية التي دأبت النيابة ودفاعها الهرب إليها من واقع التحقيق الدائر أمام المحكمة ليمتاحوا منها على هواهم شذرات واهية يحاولون بها ستر عجزهم عن تقديم أية بينة على مزاعمهم. وقد تتبع فريق الدفاع تلك المحاضر صفحة صفحة أمام المحكمة والجمهور، فأظهروا خلوها من أي بينة ضد الرئيس السابق. فانتهى الأمر!
  • تأصيل دفاع الرئيس وتفصيله لحقيقة التغيير السلبي الذي حدث أثناء السنة الأولى من مأمورية رئيس الجمهورية الحالي. حيث بين بالأدلة الواضحة (اعترافات وأوراق رسمية وتسجيلات بالصوت والصورة) أن ملف العشرية ليس ملفا قضائيا، ولا علاقة له بالقانون ولا بمحاربة الفساد، وليس مجرد استهداف لشخص الرئيس محمد ولد عبد العزيز كما يرى البعض. بل هو انقلاب سياسي ناعم قام به المفسدون بالرئيس الحالي على نظام الأغلبية التي أفرزتها صناديق الاقتراع، وعلى الرئيس الحالي نفسه، وعلى برنامجه الانتخابي، وعلى موريتانيا. وتتبع حلقات ذلك الانقلاب الواحدة تلو الأخرى: الحملة الدعائية المغرضة ضد الرئيس السابق وضد العشرية (إفك فساد العشرية)، فتنة المرجعية، "لجنة التحقيق البرلمانية" الفاسدة الدعية، الانقلاب على البرلمان، الانقلاب على الحكومة، الانقلاب على الرئيس السابق وتزوير متابعته، نهب ممتلكاته وممتلكات أفراد أسرته ومحيطه. الخ..

تلك هي حقيقة ما حدث تلك السنة كما استجلاها وبينها بالأدلة الدامغة دفاع الرئيس السابق. وإن تسمية الأشياء بأسمائها (تنتاك الكمية) هي سبب حنق المفسدين على دفاع الرئيس السابق والتحريض ضده والتآمر عليه!

موقع الفكر: يثار لغط حول ذكركم للممثل " بيبات" وحديثكم عن " الوكاف الفاشل" وهو ما اعتبره المعني تنمرا وسخرية، مقابل من يرى أن شكاية " بيبات " تدخل في إطار الكيدية ضدكم وتصفية مكشوفة للحساب، فما تعليقكم؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو: ما جرى كان أثناء مؤتمر صحفي عقدته هيئة الدفاع، قلت فيه - وضرب الأمثال منهج عقلي لتقريب البعيد- إن موريتانيا دكان وغالبا ما يكون مالكه غائبا، ويتصرف فيه "الوكافة"، وذكرت أسماء بعض الرؤساء المتعاقبين على السلطة وبيبات. {وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون}!

ولا أظن أن في الأمر ما يستحق هذه الضجة، خصوصا أن هذا الممثل هو شخص متميز وفكاهي وأنا معجب به وأتابع مسلسله، وضربي للمثل ليس تنقيصا منه، بل إعجاب بإتقانه لدوره في ذلك العمل الفني، وإسقاط لذلك العمل الفني على الواقع الشبيه به..

فبيبات بريء وضحية مثلنا لكيد ومكر المفسدين. والمسألة لا تعدو كونها خطة انتقامية بلهاء تمت بتحريض علني من الـ60 محاميا ومن يستخدمونهم، أريد بها الإضرار بدفاع الرئيس السابق، والتغطية على فشل النيابة ودفاعها في الاتيان بمعتبر، والتشويش على القضاء وعلى الحكم المرتقب يوم 14! "وان بعد سامح لبيبات! وطالب من الناس تتفهمو وتسمح لو"!

فالخطأ ليس خطأه بل خطأ القضاء الذي خرق القانون واعتدى على محام ذي حصانة يمارس الحقوق التي خوله القانون بقوة المادتين 44 و45 من قانون المحاماة.

وبالمناسبة فإني أثمن الهبة الوطنية لمساندتي وأشكر جميع من ساندوني وتعاطفوا معي فأكدوا أن البلد ما يزال بخير، رغم طغيان قوى الشر والنفاق فيه!

موقع الفكر: هل القضاء الموريتاني مؤهل لإصدار أحكام بشأن ملف العشرية؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو: إذا كنتم تعنون القضاء العادي، فليس مختصا ولا مؤهلا، بقوة نص الدستور!

   موقع الفكر: أولا يملك القضاء الموريتاني الكفاءة والنزاهة لذلك؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو: الكفاءة والنزاهة يسبقهما الاختصاص! والقضاء الموريتاني العادي غير مختص في محاكمة رئيس الجمهورية ولا الوزراء بقوة المادة 93 من الدستوري، وقوة قرار المجلس الدستوري رقم 009/2024 المكرس لها! فهذه المادة تنص على أن رئيس الجمهورية لا يساءل عن أفعاله أثناء ممارسته لمسؤولياته، إلا في حالة الخيانة العظمى. ولا يتهمه إلا البرلمان. ولا يحاكمه على تلك التهمة إلا محكمة العدل السامية. بينما "الوزير الأول وأعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عن تصرفاتهم خلال تأدية وظائفهم... وتطبق عليهم الإجراءات المحددة أعلاه" أي لا يتهمهم إلا البرلمان. ولا يحاكمهم إلا محكمة العدل السامية! ولا دخل للقضاء العادي في الموضوع برمته! تلك هي أحكام الدستور الموريتاني التي تحاول "النخبة" القانونية وأدها والاستعاضة عنها بباطل مستورد من فرنسا!

إن القضاء العادي على المحك، فهو يخوض في قضية لا تعنيه ولا يمكنه أن يحكم فيها. وبعد خمس سنوات من البحث والتمحيص أصبح ألأمر واضحا كل الوضوح! وهو إما أن يحكم بالقانون والعدل، وذلك يقتضي الحكم والقول بعدم الاختصاص! وإما أن يتيه عن الصرط المستقيم!

موقع الفكر: ما هي توقعاتكم يوم 14؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو: الأحكام العادلة تستند إلى القانون، وتنسجم مع توقعات الرأي العام الذي تابع سير المحاكمة داخل وخارج القاعة. وبما أن القانون صريح، والرأي العام يقف إلى جانب الحق والقانون ولم يعد يخفى عليه شيء، فإننا نتوقع أن ترعوي بعض الجهات التنفيذية الضاغطة، فتضع مصلحة الدولة والوطن ومصلحتها هي أيضا فوق بعض الاعتبارات الانتقامية والمصالح الضيقة الجائرة؛ وأن تتحرر المحكمة من جميع الضغوط ومحاولات التدجين، وتحكم بعدم قبول الدعوى لمخالفتها لصريح المادة 93 من الدستور، ولنص قرار المجلس الدستوري رقم 009/2024. فالدستور هو القانون الأسمى. وأحكام المجلس الدستوري نهائية وواجبة التنفيذ من طرف الجميع. وبحكم كهذا يتحقق العدل ويصان الدستور ومؤسسة الرئاسة والرؤساء السابقين واللاحقين، ودولة القانون، ويتم تكريس فصل السلطات واستقلال بعضها عن بعض! وإذا حاد الحكم عن نهج الدستور والقانون فلا عبرة به ولا مصداقية له!

موقع الفكر: هل تعتقدون أن النظام يتدخل في عمل القضاء؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو: هذا ما يعتقده ويقوله الجميع على رؤوس الأشهاد: نواب ومثقفون وصحفيون ومواطنون عاديون! ويكفيك أن قد شهد شاهد من أهلها. فالأستاذ الجامعي والمحامي لوكرمو وهو أحد قادة الستين محاميا وأحد مستشاري وزارة العدل القانونيين، وصاحب الدور الثاني في انتهاك الدستور لصالح رغبات النظام، قد أصبح يؤكد اليوم في مقالاته وتصريحاته العلنية تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية! أما "ملف العشرية" الذي بلغت صفحاته عشرون ألفا (20.000) فإن كل صفحة من صفحاته تروي بوضوح وتجسد تسخير السلطة القضائية في تحقيق رغبات السلطة التنفيذية.

موقع الفكر: ما رأيكم في قانون الرموز؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو:  هذا القانون لم يعد قانون الرموز. بل أصبح قانون الرمز الواحد! ذلك أن الطعن الذي قمنا به ضده أمام المجلس الدستوري باسم موكلنا الدكتور أحمد ولد صنب قد بتر جزء منه، بحيث لم يعد الوزراء والمسؤولون الآخرون رموزا بموجبه، وبقي رئيس الجمهورية وحده هو الرمز!

وقد بيننا في مذكرة طعننا مخالفة قانون الرمز للدين الإسلامي وللشريعة الإسلامية وللمادة العاشرة من الدستور!

فهو يخالف الدين الإسلامي لحظره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويخالف الشريعة الإسلامية لمخالفته للآية الكريمة التي تبيح لمن ظلم أن يرفع صوته عاليا على من ظلمه "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"! ويخالف الدستور الذي تنص مادته العاشرة (10) على أن "تضمن الدولة لكافة المواطنين الحريات العمومية والفردية... حرية الرأي وحرية التفكير؛ حرية التعبير..."

وبشكل عام فهذا القانون هو أسوء قانون موريتاني في هدفه وفي نتائجه حيث جعل الرمز أو الرموز في مرمى غضب الجماهير، بعد أن كانت غافلة عنهم أو غير مهتمة بهم أصلا.

وعموما فلن يكون مصيره أحسن من مصير المادة 104 التي ألحقت بدستور 1991، ولا من المادة 11 من قانون الصحافة سيئتي الصيت.

موقع الفكر: ما هو رأيكم في خطاب الكراهية السائد في هذه الفترة؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو: خطاب الكراهية نوعان. نوع يلفقه ويروجه النظام وأتباعه ومخابراته وذبابه الالكتروني بغية تشويه سمعة خصومه السياسيين والقضاء عليهم! وهو الأخطر لأنه يجمع بين قول الزور والعدوان والقذف، ويعبر عن طغيان واستبداد وإرهاب الدولة! ومن أبرز ضحاياه الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي شنت عليه من يوم خروجه من السلطة في أغسطس 2019 إلى يومنا هذا حملة قذف وتشويه وشيطنة بغية النيل منه ومن عشريته والإطاحة بنظام أغلبيته الوطني! أما النوع الثاني فجهر بالسور من القول تعبيرا رفض الظلم، وتفريجا عما في الصدور. وسببه استشراء الفساد والاستبداد والتهميش والطغيان! وسوف يزول حتما بزوال أسبابه! ولن يزيده القمع إلا اتساعا واستفحالا! 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

ذ. محمدٌ ابن إشدو: أتمنى الخير لموريتانيا والموريتانيين، واناشد عبر منبركم المحترم كل الخيرين والمخلصين في هذا الوطن أن ينهضوا ويعملوا يدا بيد من أجل القضاء على الفساد، وتجنيب موريتانيا الكوارث والأزمات، فهي في خطر!