سَيجفُّ دمعُ القهرِ إن طالَ المدى # و الحقُّ لا يُخفى و إن طالَ السُرى

أحد, 01/06/2025 - 12:15

بنشاب : قالوا إنه خضع لإجراءات طبية “بناءً على طلبه”، وكأن الألم يُقدَّم فيه طلب، ويُنتظر له إذنٌ، ويُوقَّع عليه بمحضر رسمي.

نسوا، أو تناسوا، أن الضرس لا يقرأ المراسلات، وأن الوجع لا يحترم المهل الإدارية، وأن الرجل الذي خَدم وطنه لسنين، لا يجوز أن يُترك ينتظر في ممرّ الوقت حتى تقرر السلطات أن وجعه بات صالحًا للفحص.

قالوا إن كل شيء تمّ وفق “المساطر”…
لكن منذ متى كان القلب ينتظر المسطرة؟
منذ متى كان الشعور بالضيق، والتعب، والخوف من مضاعفات المرض، يُعالَج بالمستندات؟

الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لا يطلب تفضّلًا، ولا يستعطفُ أحدًا،
هو فقط يُعاني في صمتٍ، كما يفعل الكبار،
يتألّم داخل جدرانٍ صمّاء، سُمّيت زنزانة،
لكنها في الحقيقة كانت أضيق من أن تسجن رجلاً يحمل في ذاكرته كل هذا الوطن.

ألم يكن بالأمس حاكمًا يسمع الجميع لصوته؟
ألم يكن شيوخ القبائل يأتون إليه زرافاتٍ؟
ألم يباركه العلماء، ويهلّل له الأتباع، ويتفاخر به رجال السياسة في ولائمهم ومجالسهم؟

واليوم…
رجلٌ مريض، يشتكي من ضرس، لكن المعنى أعمق من الضرس.
هو رمز يتألم في صمت، يراقب كيف يتخلّى الناس، وكيف تصبح الكرامة مؤجلة باسم الإجراءات.

فيا من كتب البيان، ويا من وقّعه:
تذكّر أن الرجل الذي تنتظرون منه “الموافقة على الطبيب”،
هو نفسه الذي كان يوقّع أوامر مصيرية لبلدٍ بأكمله.
والتاريخ لا ينسى… لا من تألّم، ولا من أبكاه الألم

وإن لم تسمعوا أنينه اليوم،
فغدًا سيحكيه التاريخ، لا البيانات.