العاجز من لا يستبد / سيدي عيلال

جمعة, 23/09/2022 - 11:46

بنشاب: تاريخ البلد على حداثته مليء بقصص القهر والكبت والاضطهاد فحين تقبلنا استلام الوطن من غزاته وقررت النخبة يومها تسيير البلد وفق الاستشارة كانت ترسخ عهدا من الاستسلام و فقدان الإرادة نعيش اليوم انعكاساته كما عشنا تجاربه الفاشلة التي أفرزت نخبة اغلبها لا يستطيع رفض التسلط ويرضى تدجين الجمهورية في أقفاص قوم تم التأكد من ولائهم و تمت السيطرة حتى على غرائزهم وشهواتهم ، فكان استبدادهم وفق مخططات الاسياد وهو استبداد دفع ثمنه عمال المناجم و افراد الجيش و الجيران و كان تأثيره غائرا في عقول النخبة حتى اعمى بصيرة النيرين منها ودفع الشعب ثمن الخوف و الاستسلام كرها وهاهو اليوم يواجه تبعات المن و الاستنساخ و وقبول الاذى والتمسك بحياة بائسة على ارض جرداء وجمهورية تائهة الاصل والفصل متناقضة الشعار والممارسة حينما يقرر رقمها الاول تحني كل الارقام رؤوسها ويتهافت اغلب نخبها لتبرير الانحناء وحث القطيع على الجثو مع العصابة وهي الصورة التي تم تثبيتها منذ مساء التأسيس الملصق من واجهة امة الصهب و اصحاب العيون الزرق ؛ وهذ الاستبداد من اشد انواع الظلم لأنه استبداد مستورد انتج خصيصا ليطبق على مجتمع خرج من الصجراء والمحيط والتقط انفاسه على ضفاف النهر وعند اختلاطه بالبحر، وقد دام ردحا وكان النظام المسئول الاول وليس الوحيد عن لصقه لممارسة الدولة الوطن .

بعد انتهاء صلاحية الدمى قرر الاسياد تغيير النظام فالديمقراطية نبتة بدت غريبة بين مجتمع تقليدي يصر على التمسك بقانون الخوف و المجاملة و النفاق لأن الديمقراطية كنظام حكم تحتاج حاضنة تمتلك عفوية اخذ زمام المبادرة فمنح الجيش حق تغيير النظام و تسيير الشأن في لحظة الوطن فيها ككيان يعاني فقدان مشروعه المنظم والشعب لا يكاد يسحب الهواء للتنفس وكل الموارد جففت او عطلت باستثناء ما تقاسمته النخبة المسيطرة ، وكما نفذ السابقون استبداد غيرهم في وطنهم اضاف المتنفذون الجدد و حذفوا و صنعوا استبدادهم فكان استبداد هجين من ام شقراء واب اشعث و سام الشعب الخسف و خاف المتكلمون الجدران ولم يتورع الابن عن الوشاية بابيه ومارست الدولة الوطنية ظلم شعبها و نكرت قانونها و تعمدت اضطهاد فيئات عريضة من المجتمع.

والسمة المشتركة في الاستبدادين انهما استبداد الضعفاء الجبناء وبعدهما اطاح ضباط الجيش من الجيل الثاني بالنظام الديمقراطي التعددي لانه طبق وفق سياسة الغاب وفي هذه الفترة سطع نجم ضابط واحد فقط هو المستبد محمد ولد عبد العزيز الذي دشن استبداده بدخول احزمة البؤس والفقر والحرمان واستمر في استبداده وبلغ ذروة الاستبداد حينما طرد اليهود و حدّث المؤسسة العسكرية وفتك استبداده بعصابة العملاء ولاحتكاريين وكرّم استبداده آذان وعيون الشناقطة باذاعة وقناة المحظرة بعد طول تطلع وانتظار لم تعبر عنهما النخبة صاحبة الاختصاص طيلة سنوات الاستقلال الخديج ،وزاد استبداده دغدغة لمشاعر الموريتانيين حينما صرح امام الحشود ان موريتانيا دولة اسلامية وليست علمانية بالصريح الذي انتظره الصادقون من ابناء هذ لوطن زمنا طويلا وهو ما حدى بعلماء البلد الأجلاء الى تلقيب المستبد عزيز برئيس العمل الاسلامي ، كان استبداد عزيز في الجزء الذي طالب به الشعب وطالبت به قواه الحية و ظلت المعارضة تطرحه منذ 1992 .

كان المستبد عزيز على غير ما كان عليه سلف الانظمة فتجاوز استبداده حدود الجمهورية واختطف قمة العرب والافارقة وزاحم كل المستبدين ليفرض مكانة وطنه ويحمي مصالحة في الشمال والشرق والجنوب ولعلكم تذكرون بكل كبرياء لحظة هبوط طائرة المستبد في كيدال و خروجه من قصر الرئاسة في كامبي و اصراره على الخروج من حيث دخل الى فندق طرابلس في ليبيا .

هنا ندرك كغيرنا انه في الوطن تكمن كل الحلول لكنها تتطلب من يبحث عنها من ينتزعها من فم إعصار الرفض ودوائر الاحتكار وليس كل محاول مؤهل فالرغبة في صناعة الحلول لا تكفي بل يكون لزاما توفر الاستعداد وامتلاك جرأة التحدي وصرامة الثبات لتحقيق الرغبة و الغاية كما لابد من استبداد ينفي صفة العجز عمن تكرهه مرتبته و عهده على حماية الوطن والشعب و ثروتهم و هيبتهم و مكانتهم بين امم الكون لذالك اكد القائد المستبد عزيز ان العاجز حقا هو من لا يستبد من اجل شعبه ووطنه وكبريائه كقائد وكحام لكل الخيوط الناظمة للجمهورية وشعبها .